أنا نملة سليمان ..
أنا النملة الحكيمة التى تبسم سليمان ضاحكا من قولتها ..
و لكن ما هو القول الذى قلته فجعل سليمان يبتسم ضاحكا ؟؟؟
إن لذلك قصة طريفة دعونى أحكها لكم ...
أنا نملة أعيش فى مستعمرة كبيرة للنمل ..
و كلنا نعيش فى جحور و سراديب نتعاون جميعا فى حفرها و تشييدها تحت الأرض ...
فى هذه البيوت و تلك الجحور و السراديب نعيش طوال العام
و ندخر فى فصل الصيف الكثير من الطعام الذى نخزنه لوقت العشاء
حيث يهطل المطر بغزارة و تكثر المياه التى تغرق فتات الطعام على سطح الأرض
فيقل الطعام أو يندر و لذلك نعمل حسابنا على تخزين طعام الشتاء من الصيف
فنحن قوم مشهورون بالتدبير و الإدخار ...
و نحن قوم منظمون نتعاون فى أداء الأعمال بيننا ..
و قد تعلم منا الإنسان التعاون و النظام و الإدخار و تقسيم العمل ..
ذات يوم كنت أسير أنا و مجموعة كبيرة من النمل فى أسراب طويلة كنا نتعاون جميعا فى جمع الطعام و حمله إلى داخل بيوتنا تحت الأرض ..
و فجأة سمعت دبا قويا على الأرض ووقع أقدام كثيرة ضخمة تأتى من بعيد ..
التفت إلى حيث يصدر الصوت فرأيت شيئا عجبا ..
رأيت جيش سليمان عليه السلام يتحرك من خلفنا و على نفس الطريق الذى نسير فيه ..
و كان جيش سليمان عليه السلام جيشا ضخما جرارا يتكون جنوده و ضباطه من الإنس و الجن و من الطير و الحيوانات و مخلوقات اخرى كثيرة يعلمها الله وحده ...
و كان سليمان عليه السلام يجيد التحدث إلى هذه المخلوقات جميعا ..
كان سليمان عليه السلام يفهم لغات الإنس المختلفة و لغات الجن و الطير و الحيوان و مخلوقات أخرى كثيرة .
و قد سخر الله المخلوقات جميعا لخدمته ..
و سخر له الرياح و الجبال و الوحوش فكانت جميعا فى خدمته ..
كانت الرياح تحمله إلى حيث يشاء و كانت الطيور تطير بعيدا و تستطلع له جيوش الأعداء و مدى قوتها و تسليحها ...
و كانت الجبال مسخرة له تسبح معه بحمد الله ..
و هى نعم لم ينعم الله تعالى بها على أحد من عباده بعد سليمان ...
المهم أننى عندما رأيت جنود سليمان يدبون على الأرض
قادمين نحونا صحت فى النمل جميعا أن يدخل إلى جحوره و مساكنه بسرعة
حتى لا تدوسنا أقدام سليمان و جنوده و تقتلنا
و هم لا يشعرون بوجودنا ..
و أسرعت أنا و أسراب النمل نجرى إلى مساكننا ...
و كنت أنا باعتبارى قائدة أسراب النمل أوجههم إلى الطريق الذى يجب أن يسلكوه ..
و فى هذه الأثناء اقترب سليمان عليه السلام منى ووقف ينظر إلى ضاحكا فى سعادة ..
و نظرت أنا إلى سليمان و هممت بأن أسأله : ما الذى يضحكك يا نبي الله من قولى ؟
ولكننى رأيت سليمان عليه السلام فى هذه اللحظات يتجه إلى السماء رافعا يديه فى دعاء خاشع إلى الله
و أخذ يشكر الله على النعم الكثيرة التى أنعم بها عليه و على والديه و دعا الله أن يجعله يستمر فى فعل الخير باستمرار و أن يدخله برحمته فى عباده الصالحين ..
و أمر سليمان عليه السلام جنوده أن يبتعدوا فى سيرهم عنا حتى لا يسحقونا بأقدامهم ..
و قد حكي القرآن الكريم هذا الموقف بين سليمان و النملة في قوله تعالى بسورة النمل :
" وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) "