اللغة العبرية هي في الصورة قلب للفظة عربية و لكن أصلها من كلمة عََبَرَ, إما لعبور سيدنا إبراهيم -عليه السلام - من العراق إلى الشام أو لعبور موسى -عليه السلام - بالأسباط إلى بلاد الشام من مصر, و نسب ابن خلدون العبراني إلى عابر بن شالخ وهو أحد أجداد إبراهيم - عليه السلام - فإذا صح هذا فتكون نسبة إلى أحد أجدادهم و أجدادنا نحن العرب كذلك. و قال محمد بن جرير إنما نطق إبراهيم - عليه السلام - بالعبرانية حين عبر النهر فارا من النمرود و قال للذين أرسلهم خلفه إذا و جدتم فتى يتكلم بالسريانية فردوه فلما أدركوه استنطقوه فحول الله لسانه عبرانيا و ذالك حين عبر النهر فسمي عبرانيا. و الله أعلم بصحته. و على كل الأحوال فلا يثبت قدم اللغة العبرية على العربية, بل العكس لأسباب:
أولاً: لأن إبراهيم -عليه السلام - لم يكن يسمى بالعبراني و لكن سمي بذالك بنوه من نسل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم السلام -
ثانيا: كلام إبراهيم -عليه السلام - لزوجة إسماعيل العربية في غيابه بلغة تفهمها مما يؤيد أن إبراهيم -عليه السلام كان يتحدث بالعربية.
ثالثا: قول النبي -صلى الله عليه و سلم - في حديث أبي ذر الطويل في معرض حديثه عن الأنبياء: " و أربعة من العرب: هود و شعيب و صالح و نبيك يا أبا ذر" - رواه الطبري و ابن حبان و أبو نعيم و ابن الجوزي. و مما هو معلوم أن هودا متقدم على إبراهيم - عليه السلام - بكثير فنسبهما كما يذكره المؤرخون هو كالتالي: هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح - عليهم السلام - إبراهيم بن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح .
رابعا: أن الذين أطلقوا على موسى -عليه السلام - و قومه لفظ العبرانيين هم الكنعانيين و هم عرب هاجروا من جزيرة العرب إلى بلاد الشام. و في سفر أشعيا من العهد القديم بشارة بأن مصر ستتكلم بلغة كنعان و أن أحد مدنها ستسمى بمدينة الدمار (أي القاهرة) و أنها ستقوم بأوامر الله من حفظ الأيمان و الذبح لله و هذا إنما حدث بدخول الإسلام فعلم أن لغة كنعان هي اللغة العربية و أنها متقدمة على العبرانية. و البشارة في الإصحاح التاسع عشر من السفر المذكور كالآتي: " في ذالك اليوم ستكون خمس مدن بأرض مصر تتكلم بلسان كنعان و تحلف لرب الجيوش: مدينة الدمار تدعي إحداها...." و كنعان هو إبن حام بن نوح , إذا فنتستطيع أن نرجع بالعربية إلى حفيد نوح - عليه السلام -
خامسا: قول الله لنبيه إبراهيم: " و أذن في الناس بالحج" و من المعلوم أن القبائل التي كانت حول مكة هي عربية و منها قبيلة جرهم التي صاهرها إسماعيل - عليه السلام - و لكي يلبوا نداء الحج فلا بد أن يكون الأذان بالعربية. و لكن يبقى هناك إشكالا و هو أن إسم إسماعيل أعجمي و ليس عربي و على هذا يؤول تكلم إبراهيم - عليه السلام , بالعربية كما بينت سابقا, على أنه تعلمها عن طريق الممارسة أو الوحي , و كلمة إسماعيل عبرية صريحة و هي مركبة: " يسمع - إيل" و إيل بالعبرية هي إله و في العربية تحتوي كلمة "إله" على هذه اللفظة هكذا: " إل - لاه" فتكون لاه مزادة في العربية على إل و الله أعلم.
و على هذا فيكون إطلاق الكنعانيين لفظ "عبرانيين" على موسى و قومه لا على أصل و منشأ لغتهم , فيكون موسى و قومه ما زالوا يتحدثون بلغة جدهم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قبل هذه التسمية. و على كل حال فقد تبين أن أقصى ما ترجع إليه اللغة العبرانية هي إلى لغة إبراهيم - عليه السلام - و هو حفيد حفيد حفيد حفيد حفيد نوح - عليه السلام - أما العربية فيمكن تقصيها إلى لغة حفيد نوح - عليه السلام - المباشر.
ثم إن اللغتين العربية و العبرية في بداية تميزهما عن بعضهما قد لا يعدوان أن يكونا لهجتين للغة و احدة فإن الكنعانيين حين قدوم موسى - عليه السلام - و قومه إليهم كان يفهم بعضهم بعضا كما هو واضح من التوراة التي بأيدي اليهود اليوم و هذه النظرية لا يمكن التحقق منها للتحريف الواقع في كتابهم. أما بالنسبة لتحدث آدم - عليه السلام - بالعربية فهذا إنما أخذ من أبيات نسبت إليه على أنه قالها حين قتل قابيل هابيل و لا تصح إليه و كما ذكر ابن كثير لعلها ألفت على لسانه من قبل المتأخرين.
و في الحديث المذكور سابقا عن الأنبياء: " و أربعة سريانيون: آدم و شيث و أخنوخ و هو إدريس و نوح" فعلم أن لغة آدم و نوح هي السريانية و منها تطورت العبرانية و العربية ثم إن اليهود بدلوا خطهم العبري بالخط السرياني حين غزاهم بختنصر و أخذهم إلي بابل و تعلموا السريانية من هناك و بالسريانية كتب سفر دانيال و العراق و بالأحرى بلاد الرافدين هي مهد الحضارات كما يذكر فلا يبعد أن تكون اللغة السريانية هي أقدم اللغات.
و كلمة (أدمه ) بالعبرية تعني الأرض و كذلك في السريانية , فاشتركت هذه اللغات السامية الثلاث , السريانية و العربية و العبرية بينما (حواء) إسم غير منصرف من الحياة , فتصريفه من الحياة هكذا: حيية أو حية الخ و ليس (حواء) و كذلك إسم قابيل و هابيل فلا أعلم تصريفا في العربية على وزن (فاعيل) إن كان الجذر في قابيل هو قبل و في هابيل هو هبل .
و مع هذا فكون السريانية هي أقدم لغة لا يزري من قدر العربية , فالعربية هي اللغة التي إختارها الله لدينه الكامل الخالد الذي لا يقبل غيره و الذي وعد بحفظه , و هي اللغة التي كتب بها القرآن , كلام الله الوحيد الباقي على الأرض الذي لم يبدل و لم يحرف و لم يغير و أيضا هي لغة أهل الجنة. فأنظر كيف أن البشرية كلها من لدن آدم - عليه السلام - لم تجتمع على السريانية و لكن في الآخرة يجتمع الصالحون منهم على العربية. فهل بعد هذا الفخر من فخر و هل بعد هذه الرفعة من رفعة
مع انني ليس مع القول بأن اللغة العربية هي أقدم اللغات هو قول غير منطقي ولا يستند إلى أي دليل و الترجيح على أساس ديني لا يلزم الآخر بالتصديق به لذا فهو ليس حجة و أضف الى ذلك لا يوجد نص قراني يدعم هذا الاعتقاد والاعتماد على ان القرآن نزل بالعربية يفنده وجود كتب مقدسة أخرى نزلت بغير العربية وكلها كلام الله فإن كان القران قديم فالتوراة والإنجيل والزبور قديمة أيضا وكلام الله قيمته واحدة وقدسيته واحدة فإن تساوت اللغات في المنشأ الإلهي
والله اعلم
موضوع أعجبني فنقلته ومن استطاع أن يفيدنا مشكورا حوله فلا يتأخر ..
وبارك الله في الجميع ..
__________________